معتقدات شعبية بكرامات سيدي مرزوق بالجنوب الشرقي تعتبر فرقة بابا مرزوق من أعرق الفرق الشعبية الفلكلورية في مدينة الالف قبة و الجزائر عموما إذ يعود تاريخ هذه الفرقة العريقة الضاربة في جذور الزمن الى ما قبل القرن 17م ويروي الأولون ان تاريخ وجود هذه الفرقة مرتبط ارتباطا و ثيقا بسيدي مرزوق أو بابا مرزوق كما يحلو لأهل وادي سوف تسميته ويقيم سكان الوادي و ضواحيها و المدن المجاورة لها احتفالا شعبيا جماهيريا سنويا يشارك فيه الجميع في إحدى ساحات المدينة الشاسعة لتتسع الى الجمهور الغفير الذي لا يتأخر عن المساهمة و المشاركة في هذا الاحتفال تيمنا ومباركة لروح هذا الرجل الطيب الذي دفن في مدينة نفطة التونسية .موقف غريب جمع سيدي بوعلي السني النفطي و بابا مرزوق السوفيو يحكى ان بابا مرزوق كان خادما لدى سيدي بوعلي السني في مدينة نفطة على الحدود الجزائرية التونسية ولما يرسل سيدي بوعلي السني الغذاء أو العشاء بواسطة الفتاة تجده جالسا قرب إحدى الأشجار بينما الفأس تشتغل لوحدها في حركة غريبة و خيالية بعيدة عن التصديق و المنطق فروت الفتاة ما شاهدته لسيدي بوعلي السني فاستغرب في بداية الامر و ظنها تكذب لكنها أعادت عليه ما رأت أكثر من مرة مما أثار دهشتها واستغرابها كذلك وما كان من سيدي بوعلي السني إلا ان يلاحظ ذلك بنفسه فذهب ليقدم له الغذاء بيديه شخصيا بعد العمل فوجده على تلك الحال ولم يصدق ما رأت عيناه فوجده مرتاحا و الفأس تعمل لوحدها و كأن انسانا يضربها على الأرض لتمارس النشاط المعتاد للفلاحة و السقي في مزرعة أو في غابة فعرف بخبرته بالحياة و لمعرفته بمكانة الرجال و مقاماتهم ان الرجل ليس عاديا و له بعض الكرامات و البركات وانه من الأولياء فقال له في الحال …ولي ما يخدم ولي…بمعنى لا يصح ان تخدمني وأنت في نفس مقامي فاذهب بعيدا من جهة الغرب و أرض الله واسعة فقدم سيدي مرزوق الى مناطق وادي سوف وعاش فيها وأكرمه اهلها و عرفوه وكان هو ذلك الرجل الطيب الصادق الذي يتمتع بشعبية كبيرة أوساط السكان الذين يقيمون له سنويا احتفالا شعبيا كبيرا تقديرا لمكرماته و لجذوره و لأتباعه.رواية عمي احمد لاغا وفي لقاء جمعنا بعمي احمد لاغا الذي وجدناه يطالع جريدة النهار وهو احد مؤسسي فرقة بابا مرزوق الأوائل وشاهد على تاريخ هذه الفرقة الأكثر شعبية داخل الولاية و خارجها وحاول عمي احمد لاغا استجماع و استنطاق ذاكرته مذ كان صغيرا
حيث انه روى لنا انه نشأ في بيت على أنغام القرقابو و البنقا و الطبلة واحتفالات و أهازيج بابا مرزوق الفلكلورية الغنية و الثرية بالروح العربية و الافريقية العريقة و الضاربة في اعماق التاريخ وبعد أن يضع يديه على رأسه وبابتسامة عريضة تحدث عمي احمد لاغا عن المكان الاول الذي كانت تجرى فيه النشاطات الاحتفالية بعيد سيدي مرزوق فأول مكان كان مسرحا لهذا النشاط حسب ما روى سي أحمد لاغا هو رحبة الحم بضم الحاء و تسكين الميم في
حي اولاد أحمد بجانب حائط عائلة جديدي بوسط مدينة
الوادي في الليل بينما في النهار كان النشاط او كما يسميه الجميع في وادي
سوف الملعب دلالة على مكان الاحتفال فكان في مكان شارع رابوسكي سابقا وحاليا بجانب مقر سونلغاز الجديد الذي دشن مؤخرا بوسط مدينة
الوادي كذلك ثم انتقل الاحتفال في منطقة او رحبة السلامي في
حي أولاد احمد لينتقل الى الاحتفال في الليل الى
حي اولاد احمد و في النهار الى المكان المحاذي الى اتصالات الجزائر حاليا وبقى الاحتفال منذ ذلك ال
حين في الليل في
حي أولاد احمد لينتقل في النهار الى ساحة الجندي المجهول ثم الى ساحة السروطي ثم الى ساحة الشارة ب
حي 400 سكن ثم الى
حي الرمال في مكان الملعب كلها بوسط مدينة
الوادي حيث يتجمع الآلاف من فئات الشعب لحضور هذ الاحتفال في الليل و النهار لانه كان يجرى و لحد الآن على فترتين الاول في الليل بعد العشاء و الاحتفال الرسمي الثاني و الاخير في النهار بداية من الساعة الواحدة زوالا الى غاية قرب صلاة العشاء.
كما اكد محدثنا ان الوادي كانت تستضيف في هذا الاحتفال السنوي العديد من الضيوف الذين يأتون من كل حدب و صوب حتى في أيام زمان عندما كانت المدينة صغيرة فتصبح الوادي مزيجا سكانيا ينعم فيه الجميع بالفرحة بحلول هذا العيد و الاحتفال ببركة بابا مرزوق حسب الاعتقادات السائدة حيث لا فرق بين أتباع هذه الفرقة و بين باقي عامة الناس بل وصل الامر الى حضور الجميع سواءا كانوا سودا او سمرا او بيضا و الكل فرح مسرور ولا يغيب أي كان عن الاحتفال كما ان كبريات العائلات السوفية كلها تحضر لهذ الاحتفال الشعبي الجماهيري في الساحات وأبرز تلك العائلات المنظمة لهذا الحفل و التي توارثته جيلا عن جيل هي بركة المولدي و عائلة لاغا و بلقاسم خير و عيده امبارك كانوا ينشطون حفل الوادي الخاص ببابا مرزوق في الربيع.قصة العتروس أو التيس الأسود في احتفال بابا مرزوق ويبقى وجود التيس أو العتروس من الأشياء المبهمة و الغامضة حول لماذا تم اختيار هذا ال
حيوان بالذات دون ان نعرف السبب لذلك و حتى عمي أمد لم يدلنا على جواب كاف شاف لهذا الموضوع و يبدو ان الموضوع متعلق باتباع خطى الاولين او ان من يمتلكون التفسير قد فارقوا ال
حياة لكن عمي أحمد ةلم يبخل علينا بأي معلومة حول تاريخ الفرقة الكبير وطريقة الاحتفال المميزة و التي يهواها سكان وادي
سوف منذ القدم و يكنون لأصحابها كل التقدير و الاحترام فتدث عمي احمد عن التيس الذي يتبع اعضاء الفرقة أينما حلوا خلال جولتهم على البيوت و المنازل قبل انطلاق الحفل بحوالي شهر أو شهرين ويتم ادخال التيس للمنازل مع بعض الصبية الصغار و التيس مكسو ببعض بقايا الملابس حتى يخطئ هذا ال
حيوان في نفسه لدرجة انه يصبح مطيعا لأي حركة او اتجاه مع أهازيج البنقا و الطبلةويتم الدعاء لأصحاب المنزل بالخير وعادة ما تطلق النساء نذرا ان أعطاها الله سبحانه و تعالى مطلبها ان تعطي بابا مرزوق عشاءا او هدية ايمانا منها ببركة هذا الرجل و هذا الاحتفال ويتم سكب بعض العطور القديمة مثل البوش وهو مادة عطرية قديمة تستعملها نساء وادي
سوف على رؤوسهن للتصنع و للمداواة من أي مرض و تحتوي زجاجة البوش على مستخلصات نباتية زيتية يتم دهنها على الرؤوس و حديثا يتم وضع العطور الحالية على رأس التيس في شذرات متفرقة
خطوبة البنات في احتفال بابا مرزوق
وروى عمي احمد أنهم قديما كانوا يقومون باختيار البنات لأبنائهم في موسم الاحتفال لبابا مرزوق في الاسبوع الاول من شهر مارس من كل سنة فعند أداء الرقصات الشعبية الخاصة بالفرقة و التي لا يمكن اتقانها إلا من ذوي البشرة السوداء في وادي سوف وعند الرقص في الحلقة التي تمتلئ بالرجال و النساء يقوم الشباب و البنات العزاب و العازبات خصوصا و بعض المطلقات باداء رقصة اثنين اثنين شابين مقابل شابتين على ثلاثة أزواج متبعين رقصة ونغمة البنقا و الفرح يعم قلوب الجميع و أثناء ذلك الرقص يكسر أحد الشباب الزجاجة على رأس الفتاة المختارة صبية او مطلقة وسط زغاريد الاهل و الأحبة و الخلان بتمام هذا الزواج السعيد في اولى خطواته مع بركة بابا مرزوق و الله يتمم بخير في أجواء تسودها الفرحة وتعمها البهجة بخطوبة أبناء بابا مرزوق في عيد بابا مرزوق .نية و صدق فرقة بابا مرزوقكان أعضاء الفرقة يستجيبون لكل من يدعوهم الى بيته سواءا قدم لهم عشاء او غذاءا او كأس شاي او لم يقدم لهم شيئا سواءا كان غنيا او فقيرا ويتم ضرب البنقا في بيته وقراءة الفاتحةو إعادة الدعاء تبركا بزيارة بعادة فرقة الرجل الطيب بابا مرزوق .الرقص داخل الديوان الى درجة التوبة و الهيام
داخل مايسمى بالديوان يرقص الجميع رقصة موحدة متناغمة ومنسجمة بشكل جماعي يبعث على الحماس و الروح الجماعية العالية حيث تصبح هذه الرقصات الجماعية متنفسا لإطلاق المزيد من الزفرات و السفر الى عوالم لا يعلمها الا الراقص التائب كما يطلق عليه محليا فترى البعض تغيب عيناه الى درجة الشرود و البعض يغيب عقله من كثرة الافراط في الرقص عل بعضهم يجعل الرقص الصوفي ملاذا يهرب منه من هموم الحياه فيختار هذا السلوك طالبا منهم عدم التوقف في الضرب على البنقا و الطبلة التي تزداد ضرباتها بشكل متسارع لتزداد معها حدة الرقص مع ذلك البخور و الجاوي المتصاعد من محيط المكان الى ان يسكن ذلك الجسم وتصمت البنقا و تبيض عيناه و يلقى جانبا بعد هنيهة يعود كما هو عليه هادئا طبيعيا عاديا محتفلا بعيد بابا مرزوق لكن أقل هدوءا.مراحل عيد سيدي مرزوقينطلق الاحتفال بعيد سيدي مرزوق قبيل 6 أو 7 أشهر أحيانا و تبرمج جولات على المنازل للتحضير للحتفال ويتم جمع أي شيئ يتبرع به الناس من قمح و سميد و شعير و نقود يتبعهم في ذلك التيس و يجولون المدينة شارعا بشارع أما يوم الاحتفال الرسمي فينطلق في الأيام الأولى من شهر مارس بداية من الساعة الواحدة زوالا على انغام القرقابو و البنقا بحضور قوي و مكثف للأطفال و العائلات ليستمتعوا برقصات دانغوما و رقصة التارقي الى ما قبل صلاة العشاء ليذهب الجميع يضربون البنقا ثم ينزلن الى السوق المركزي بالوادي بعد افتراق الجموع الغفيرة من الملعب و ينتقلون الى شارع الغدامسي المؤدي الى السوق المركزي الى غاية منزل باشاغا الذي كان قايد من عرش المصاعبة بعد ذلك تكون هناك جولة في منزل لخضر من الزاوية القادرية ثم جانب الزاوية ليصعدوا بعدها مباشرة الى منزل بركة المولدي احد الأعضاء الأساسيين في الفرقة الفلكلورية في أولاد احمد ليعودوا الى منزل بلقاسم خير في حي المصاعبة وتكون هناك جولات أخر ى موازية الى ان يفترق الجمع و يكون يوم الأحد الغذاء للضيوف و الجيران و العشاء يوم الاثنين ويتم طهي الحيوانات المتصدق بها و توزيعها على الفقراء و المساكين و المقربين كذلك على امل اللقاء في العيد السنوي القادم.قصة شفاء الأطفال من السعال الديكي أو العوعاشة في احتفال بابا مرزوق
يحكي كبار السن خصوصا ان مرضا خطيرا اصاب الكثير من الاطفال في مدينة الوادي و المعروف طبيا بمرض السعال الديكي و المعروف شعبيا بالعوعاشة في اواخر السبعينات الى اوائل الثمانينيات و هو مرض يجعل الطفل يسعل كثير و بشكل حاد حتى يصبح و كانه صياح ديك في بداية تعلمه للصياح هذا المرض تحكي الروايات الشعبية أن أتباع بابا مرزوق كانوا سببا رئيسيا في شفاء الكثير من الأطفال إذ بمجرد ان يضع الرجل او المرأة كبار السن من اتباع بابا مرزوق القوس الخشبي الصغير على رقبة الطفل قائلا أو قائلة …مسيتي ما صبحتي صبحتي ما مسيتي
ذبحنا عوعاشة ماذبحناشي بن آدم
ويتم وضعها برفق على رقبة الطفل لينهض في الغد سليما معافى و يؤكد ذلك كبار السن في الكثير من الحالات و المناسبات معتقدين بصحة رأيهم و ان بركة بابا مرزوق هي التي شفته بقدرة الله في الوقت الذي يرفض الاطباء هذا الطرح تماما مؤكدين ان جهود علمية كبرى قد بذلت في هذا المجال ولا علاقة للخرافات في هذا النطاق و الامر بعيد عن التصديق.موسم بابا مرزوق غير مستغل سياحيا
تغزو مدينة الوادي من كل سنة جموع غفيرة من كل حدب و صوب من كل البلديات المجاورة و الولايات الجزائرية للاحتفال بعيد مدينة الالف قبة و بعيد وعرس بابا مرزوق أو سيدي مرزوق إ تعج وادي سوف بالكثير من الضيوف و المشاركين في الاحتفالات و للأسف الشديد غير مستغلة سياحيا ولا وجود لأي أثر لاستثمار هذا التواجد الكبير للسواح الذين يتيهون ولا يعرفون أين يذهبون و لاوجود لأي دليل سياحي ولا لأماكن تقي الجميع حر الشمس لتبقى المدينة مادة خام للسياحة دون وجود ارادة حقيقية للاستثمار في هذا المجال رغم توفر الظروف المنتجة لموسم سياحي ناجح حيث تعج مدينة الألف قبة بالآلاف من مواكب السيارات التي تحمل أرقام المدن الجزائرية المختلفة وباقي أرقام الدول المجاورة كتونس و ليبيا الذين يشاركون سكان وادي سوف الاحتفال السنوي في العطلة الربيعية